Search
الردّ الأمنيّ والعسكريّ الإسرائيليّان على الوباء: دلالات وتداعيات

تتناول هذه الورقة البحثية الرد العسكري والأمني الاسرائيلي على وباء الكورونا، وتم عرضها خلال مؤتمر مركز مدى الكرمل السنوي ونشرها في كتيب صادر عن المركز بعنوان "الفلسطينيون في اسرائيل: مقاربات سياسية واجتماعية بين جائحة الكورونا والانتفاضة (؟) الراهنة" الصادر في عام 2021.

حين بدأ تفشّي الوباء خلال آذار عام 2020، تجلّت العَسْكَرَة في الردّ الإسرائيليّ تجاه الوباء، وهو ما توقّعناه. وهذا لم يكن عبثًا، بل هو ردّ متوقّع لكيان استعماريّ _ استيطانيّ عمل -على مرّ السنين- على تطوير جهازه العسكريّ كي يضمن ويعزّز السيطرة على شعب كامل، ويقضي على نضاله المستمرّ. هذا الكيان يرتكز -في أساس ما يرتكز- على العَسْكَرَة التي تغذّي وتحافظ على دَوْره في المنطقة: الاستيطان والتوسّع.

كان لطابع إسرائيل العسكريّ تجلّيات كثيرة خلال أزمة الكورونا، إذ كانت وزارة الأمن الإسرائيليّة، بالإضافة إلى الجيش والشرطة والشركات الحكوميّة والخاصّة المصنِّعة للأسلحة ولمعدّات الرقابة في طليعة مواجهة الوباء مع بدء تفشّيه. تدخُّل هذه الأجسام يدلّ على أنّ المؤسّسة العسكريّة الإسرائيليّة، بعناصرها السياسيّة والاقتصاديّة، هي أكثر مؤسّسة "ناجعة" لدى المنظومة الإسرائيليّة كونها الركيزة الأساسيّة له، فضلًا عن أنّه يدلّ على التشابك الكبير بين الحيّز المدنيّ والجهاز العسكريّ في إسرائيل.

سنتطرّق في هذه الورقة البحثيّة إلى هذه التجليّات، يَحدونا أمل في أن نسلّط الضوء على الطرق التي استطاعت بها إسرائيل أن تستخدم معرفتها وخبرتها العسكريّتين للتعامل مع أزمة صحّيّة. سنتطرّق كذلك إلى دلالات هذا الواقع وإسقاطاته علينا كشعب فلسطينيّ خاضع لسيطرة إسرائيل. علاوة على هذا، سنسلّط الضوء على السبل التي استخدمتها إسرائيل كي تعزّز من موقفها وموضعها عالميًّا.

ستُعْرَض الطرق التي توظّفت بها المؤسّسة العسكريّة الإسرائيليّة من خلال قسمين أساسيَّين: القسم الأوّل سيعرض الطرق المباشرة التي تدخّلت بها المؤسّسة العسكريّة، وبالأساس من خلال جهاز المخابرات (الشاباك) والجيش. أمّا القسم الثاني، فسيعرض الطرق غير المباشرة التي تدخّلت بها المؤسّسة العسكريّة الإسرائيليّة من خلال القِطاع الخاصّ والشركات الربحيّة والحكوميّة الإسرائيليّة المصنِّعة للأسلحة ولأجهزة الرقابة، والتي جَنَتْ منافع اقتصاديّة ورمزيّة جديدة خلال الأزمة الصحّيّة. في الختام، سنتطرّق إلى الطرق التي تحاول بها إسرائيل أن تستغلّ هذا الواقع لتحقيق مصالحها عالميًّا.